أسباب حلف النبي صل الله عليه وسلم في بعض المواقف




اعلم أخي المسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا حلف على شيء فهذا إن دلّ على شيء فإنما يدل على عظمة المحلوف عليه وخطورته وأهميته فلا بد أن تهتم بذلك الأمر الذي أقسم عليه النبي صلى الله عليه وسلم.

فلو حلف مثلا على حرمة دم المسلم بقوله:
«والذي لا إله غيره! لا يحل دم امرئ مسلم ... إلا ... » ، كان ذلك اليمين سببا عظيما في تحريم دم المسلم، فعلى المسلم ساعتها أن يحذر كل الحذر من الوقوع في هذا الموبق الخطير.
ولو حلف مثلا على أن قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ تعدل ثلث القران - كان ذلك حافزا كبيرا على قراءة هذه
السورة التى لها أجر كبير وقرائة أيضا هذه السورة تفسيرها والوقوف  على معانيها، والامتثال لأوامرها، والتسليم بمقتضاها.





وهكذا، فإن يمينه صلى الله عليه وسلم إما يحذر العباد من أمر يخشى عليهم عاقبته، فعندئذ يجب علينا الحذر من مغبة الوقوع فيما حذّرنا منه، وإما أن يكون حلفه على أمر أو طاعة أو عمل صالح يرجو من أتباعه امتثاله والتخلق به وطاعته، وكذلك طاعة الله فيه، فيجب علينا سرعة الامتثال، لأن يمينه صلى الله عليه وسلم على ما أكّد بأمر هذه العبادة ليس بالشيء الهين.


وإما أن يكون قسمه وحلفه صلى الله عليه وسلم لتقرير أمر ما، أو غرس عقيدة ما في نفوس أتباعه فيجب علينا كذلك الإيمان بذلك، واليقين بما نبّه عليه بقسمه؛ لأن يمينه كذلك صلى الله عليه وسلم ليس بالأمر السهل، فلا يتسنى لنا إهمال هذه المؤكدات النبوية، لأنه صلى الله عليه وسلم ما بعث إلا بخيري الدنيا والاخرة، فعليك أخي أن تستحضر هذا المعنى عند كل موقف تقرأه في هذه الرسالة، وهذا يغني عن التكرار هناك وراء كل حديث حلف فيه النبي صلى الله عليه وسلم.
وتلك الفائدة الملموسة يحسها المرء إذا ما قرأ كل حديث أقسم فيه النبي صلى الله عليه وسلم.





فأنت تشعر أن في طيات هذا القسم، همّ كبير، وخوف عظيم على عباد الله وأمّته، فهو يرجو لهم الخير، ويخشى عليهم من العذاب، ويتمنى لهم رضى الرحمن، لذلك كان يريد صلى الله عليه وسلم أن يثبّت لهم الحقائق الشرعية ويلفت أنظارهم إليها بأي وسيلة كانت، ومن هذا المنطلق وغيره جاء يمينه وحلفه حتى يوقظ ضمائر أمته، ويستثير عزمهم إلى صراط الله المستقيم. فتذكر هذه الفائدة كذلك عند كل موقف تقرأه.