طور تكوين العظام واللحم للجنين في رحم الام




يشير القرآن الكريم إلى طورٍ تالي لطور المضغة, هو طور تحوّل المضغة إلى عظام, ثم كساء العظام باللحم.ومن خلال عمل العلماء وجدوا ملاحظة وهي أنه بعد أن تتكون المضغة تتكثف الطبقة المتوسطة التي بجانب المحور على هيئة كتل بدنية, وتنقسم هذه الكتل إلى قسمين.


1- قسم أوسط داخلي ventro medial, والذي يتحول قرب نهاية طور المضغة إلى النسيج العظمي أو الهيكلي، ولذلك تعرف الكتل البدنية في هذا القسم باسم القطاع الهيكلي Selerotome، ولخلايا هذه الكتل القدرة على التشكيل، فمنها تتكون الخلايا المكونة للعظام osteoblasts, وتنمو خلايا هذا القسم من الجانبين أمام القناة العصبية، وبذلك تتكون هذه الكتل من مؤخرة الرأس حتى تلتحم أربع كتل بدنية معًا مكونةً جزءًا من قاع الجمجمة, ثم تأتي بعدها ثماني فقرات عنقية، تليها اثنتا عشرة فقرة صدرية, ثم خمس فقرات قطنية، وخمس أخرى عجزية، وبعدها ثماني إلى عشر فقرات عصعصية, يتلاشى معظمها مع عظم العصعص, وتبدأ هذه التحولات في الأسبوع الخامس والسادس من عمر الجنين, ثم تزداد ظهورًا بعد ذلك, ويمكن أن يسمى هذا القسم من الكتل البدنية القسم العظمى.




2- قسم جانبي خارجي dorso lateral, وهو قسم يمكن أن نسميه القسم العضلي أو اللحمي, وهذه الكتلة البدنية من الخلايا تظهر من الفقرات الأولية, وتمايزها إلى طبقتين: أولاهما: تُكَوّن الأدمة "باطن الجلد الواقع تحت البشرة"، وما تحت الأدمة، أما الطبقة الثانية فتكوّن عضلات الهيكل myotome, وتظهر هذه العضلات لتكسو عظام الجنين بعد انقضاء الأسبوع السابع أو الثامن من الحمل, بينما تظهر العظام الأولية بعد انقضاء الأسبوع السادس أو الثامن من الحمل؛ ففي الأسبوع السابع يتشكل مثلًا غضروف الأذن على نحو أفضل, ويصبح للمضغة شكل عظمي غضروفي.
ومن الحقائق التي يؤكدها علم الأجنة أن الكتل البدنية التي تكون قد بدأت في الظهور في الأسبوع الثالث من حياة الجنين "مع بداية طور المضغة" يكتمل
ونظهر في اليوم ال 30 من حياة الجنين،ولا تكاد تتكون كتل جديدة خلال طور المضغة إلّا بعد أن تكون الكتل القديمة قد تمايزت إلى قطاعٍ هيكليّ "عظمي" وقطاع عضلي "لحمي".
وتتكون فقرة العظام من قطعتين هيكليتين متجاورتين، ولهذا يؤدي هذا الالتحام إلى تحرك القطع العضلية لتغطيتها, وذلك للمساعدة في حركتها، ويعبر القرآن الكريم عن هذه العملية بالتعبير المعجز {فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا} .
أما بالنسبة لتكوين الأطراف, فقد أشرنا إلى أنه في الأسبوع الخامس -حيث لا يزال الجنين في طور المضغة- تظهر هذه الأطراف في صورة براعم صغيرة، ثم تتحول في طور العظام والعضلات إلى ذراعين وساقين. وحسب مبدأ النمو -الذي سبق أن أشرنا إليه- يسبق الطرف العلوي الطرف السفلي في الظهور ببضعة أيام, نتيجة تكثف خلايا من النسيج المتوسط messenchyme, تأتي من الطبقة المتوسطة للكتل البدنية التي أشرنا إليها عند حديثنا عن طور المضغة, وفي الأسبوع السادس تتحول خلايا النسيج المتوسط إلى خلايا تسمى بالغضروفية, وفي ذات هذا الأسبوع تظهر أيضا بوضوح الهياكل الغضروفية السفلية والعلوية.
وأول علامة على وجود العضلات في الأطراف تظهر في الأسبوع السابع نتيجةً لتكثف خلايا النسيج المتوسط في قاعدة برعم الطرف، ومن هنا يتضح أن العظام تتكون أولًا, ثم تليها العضلات لتكسوها.
أما عظام الرأس فتتكون بطريقتين: أولاهما العظام الغضروفية, والتي تشكل قاع الجمجمة وعظام الوجه، وثانيهما العظام الغشائية, وتشكل عظام قحفة الجمجمة, وفيها يتكَوّن العظم مباشرة فوق الغشاء دون أن تسبقه مرحلة غضروفية.
ومع اقتراب الجنين من بداية الشهر الثالث من عمره, تبدأ العظام في الصلابة, وتسرع العضلات في النمو، وتتحول المضغة غير المشكلة إلى الشكل الإنساني, ويطلق علماء الأجنة على هذه المرحلة مرحلة الكتلة المنتفخة, أو ما يصح أن يطلق عليه حقًّا الجنين embryo, وهكذا تؤلف الشهور الثلاث الأولى من الحمل الفصل الأول من حياة الجنين.